حقوق وحريات ومجتمع مدني

جندي يتسأل يتساءل: هل قامت الثورة السلمية لإعادة الحقوق أم لسلبها؟!

المستقلة خاص ليمنات

 “هل جاءت ثورة الشباب السلمية لإعادة الحقوق أم لسلبها؟!”.. سؤال يحمل في طياته أبلغ الدلالات.. يطرح نفسه بقوة الحق الكامن خلف معانيه.. وله من الأهمية ما يوازي أهمية الثورة ذاتها منطقاً وتشريعاً ووجوباً..

تمثل قضية مساعد أول خالد محمد صالح سعد تعبيراً صارخاً عن اختلال المعايير وطغيان التجاوزات ونفوذ ذوي الممارسات غير المسؤولة والتي تغتصب الحقوق وتمنحها لغير أصحابها..

ينتمي المساعد أول خالد إلى القوات الجوية والدفاع الجوي وتحديداً اللواء (140) دفاع جوي، حيث وأنه قد أمضى في الخدمة العسكرية أكثر من عشرين عاماً، كان كغيره من أفراد القوات المسلحة يحملون مسؤولية الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه، ولم يتخيل طوال سنواته العشرين أنه سوف يكافأ بالفصل من خلف الستار وتعيين شخص آخر بدلاً عنه، وكأن عقدين من الخدمة العسكرية ليس لهما أثر.. فقط لأنه انضم إلى ثورة الشباب السلمية التي على أساسها وجدت حكومة الوفاق ورئيس الجمهورية ونظام سياسي يتبلور وفقاً لقوة هذه الثورة ومتغيراتها..

في 24 /6 /2011م، وبعد ستة أيام من مجزرة جمعة الكرامة المشهودة، أنضم خالد إلى الثورة، حسم موقفه إلى جانب الشعب ضد نظام غارق في الفساد، دخل إلى ساحة التغيير بصنعاء وقرر الاعتصام فيها حتى تنتصر الثورة، لم يكتف فقط بالانضمام إلى الساحة والاعتصام بل اخذ ينشط ويحث الآخرين على الصمود والاستمرار، وتم اختياره ليكون نائباً لرئيس تحالف أبناء الجنوب في الساحة، لم يتسلم من مستحقاته المالية العسكرية سوى راتب شهري (3، 4)/2011م، وانقطع راتبه منذ شهر 5 /2011م، لم يثنه قطع الراتب عن مواصلة الاعتصام في الساحة والاستمرار في الفعل الثوري دون استسلام لأية ضغوط، وعندما بدت ملامح انفراجه بعد توقيع ما يعرف بالمبادرة الخليجية، ذهب إلى اللواء 140 دفاع جوي لمواصلة خدمته، وباحثاً عن مرتباته الموقوفة منذ شهر مايو 2011م، قدم له قائد اللواء (140) العميد محمد عبدالصمد مذكرة إلى مدير لإدارة الادارية والمالية، يؤكد فيه مواصلته للخدمة، ذهب خالد إلى هناك ليكتشف مالم يكن يتوقعه حيث تم تنزيل اسمه بتاريخ 12 /2 /2012م، وتم تجنيد شخص آخر بدلاً عنه يدعى (خ.م.أ)، ومن حينها وهو عاجز عن فعل أي شيء، حيث أن جميع وسائله في المتابعة والمراجعة لم يكن لها أي صدى..

لقد كان المساعد خالد من أوائل المنضمين للثورة السلمية، بل أنه شارك بفاعلية في الثورة المؤسسية التي حدثت في القوات الجوية وساند بقوة من اعتصموا من أفرادها وضباطها في شارع الستين حتى تحققت مطالبهم، لكنه ظل محروماً من حقوقه بعد تنزيل اسمه وتبديل شخص آخر بدلاً عنه..

ويتساءل خالد لماذا عادت مئات الجنود وربما الآلاف إلى اماكنهم وجرت مواصلتهم مع وحداتهم بشكل طبيعي، وهم مثل حالته انضموا إلى الثورة وعادوا بعد ذلك فتمت مواصلتهم وصرفت مستحقاتهم.. ألا يدل ذلك على اختلال في المعايير، وعلى نفوذ المحسوبية وتفشي التجاوزات، بحيث أصبح معيار الولاء والانتماء الحزبي والشخصي هو من يحدد من يعطى الحقوق ومن يحرم منها.. كيف تم تجيير الثورة لصالح طرف أو أطراف وحرم ابناءها من حقوقهم الأساسية والقانونية؟! بأي صفة تم تنزيل خالد وتبديل شخص آخر بدلاً عنه، من يتحمل مسؤولية هذا الظلم والتعسف واختلال المعايير؟!

ويناشد خالد رئيس الجمهورية ووزير الدفاع وكل من يخصه الأمر التدخل السريع والعاجل ورفع الظلم الذي وقع عليه، وإعادته إلى الخدمة العسكرية التي قضى فيها عشرين عاماً هي خيرة سنوات عمره، وصرف جميع مستحقاته الموقوفة بغير حق.. حتى لا تصبح الثورة السلمية تجسيداً مشوهاً لطغيان الظلم بحيث تسلب الحقوق من أهلها وتعطيها للآخرين على عكس روح الثورة وأهدافها وقيمها المفترضة.

زر الذهاب إلى الأعلى